ام صبرت ونالت

جلست على حافة بابهما تتأمل الطريق من ابعده الى اقربه , تجول عيناها في المنطقة على امل رؤيته قادم اليها , ها هي تتنهد و تخرج الاهات العالقة في صدرها من صباح باكر

تنظر الى ساعتها , وتقول بصوت خافت حزين : اين انت يا حبيبي ووجودي ؟, هي متلهفة ومتشوقة تنظر من خلفها وامامها ومن يسارها ويمينها ,ماذا جرى ؟اين انت يل عزيزي؟

تطول الساعات والدقائق والثواني ,وهاهو قادم من اول الطريق , لمحته عيناها من بعيد البعيد ,فلم تنتظر ان ياتي لعندها ,احتملت ساعتين ولم تنتظر دقيقة ليقدم اليها

اخذت بعضها ومشت ثم هرولت ثم ركضت ,لكي ترى ابنها وهو قادم من امتحان الثانوية العامة ,فأخذت تطمئن عليه وعلى صحته ونفسيته ,فعندما اطمأنت على صحته تنهدت ,ولكن هذه التنهيده لم تكن كالتي تنهدت بها في السابق , فالتي كانت في السابق تنهيدة الخوف والقلق ,اما هذه فلفرحتها بابنها الذي لا يوجد غيره لديها ,الذي سهرت عليه في صغره,الذياطعمته من شقاها وتعبها ,فعندما كان في صغيرا اباه وافته المنية ,وتركه وامه ,فكانت على قدر المسؤولية المسندة اليها ,ربته احسن تربية ,ورعته اجم رعاية , وحرصت على ان لا يمسسه مكروها مهما صغر

واذ بها تسأله عن ما جرى في امتحانه , واذ به ينظر الى الارض ,فإذ بوجهها يتقلب من حزن الى فرح , ومن فرح الى حزن ,ولا تريده ان يشعر بلوعتها عليه جراء ما فعله من حركة لثبت بها ان الامتحان لم يجري وفق المطلوب ,وهاهو يرفع رأسه ,وينظر الى امه ويضحك بوجهها ,ويقول :الحمد لله وفقني واجبت عن جميع الاسئلة ,وجميعها ان شاء الله صحيحة ,فضمته الى صدرها بكل الحنان واخذت تبكي ,وقالت: هذا ابني الذي ربيته ,علما بأن هذا اخر امتحان لهذا العام ,وبعد اسبوعين من هذا اليوم ظهرت النتائج ,وهاهو في المرتبة الاولى في مدرسته ,فلم تسعهم الدنيا من السعادة ,فعرفت آنذاك ان تعبها وشقاها لم يذهب سدى ,بل بالعاسف رد لها معروفها على كل الذي قدمته له, فهذه الام الحقيقية بكل معنى الكلمة ,صبرت ونالت ,فيا الله اسعدها في دنيتها ,واكتب لها الجنة في الاخرة بعد عمر طويل ان شاء الله